الأربعاء، 4 مارس 2009

كم انتظرت هذه اللحظة

جلس" بوه" المستبد بجانب صديقته "هسا" على كرسي العرش المصنوع من الذهب، ورقدت حولهما كلاب الحراسة السوداء الشرسة التي كانت لها رؤوس آدمية، بوه الذي يحكم العالم منذ سنوات طويلة، ويخضع كل البشر في الأرض ويحولهم إلى آلات تخدمه وتعمل دون أن تفكر أو ترفض، كان يعطي الناس حبوب التحول في نهاية كل عام ليجعلهم هادئين. ترك بوه الحرية لقلة من الناس من الذين ساعدوه في تنفيذ خطته ولآخرين من العلماء الذين قد أطاعوه، وسجن الذين رفضوا مؤامراته وكان يعاقب الذين يرفضون مطالبه بتحويلهم مثل الآخرين إلى واحد من أنواع التحولات الخمس: إنسان الطمع الذي يستغل الآخرين للوصول إلى مصلحته والتحكم في بقية الأنواع الأخرى من إنسان التحول ويعيش بينهم ويتصف بحالهم أو إنسان الفقر وهو النموذج الذي وضعه بوه ليرتدع به الآخرون لكي يخشوا أن يكونوا من الفقراء، أو إنسان السكون الذي يطيع كل شيء ويظل هادئا ليعمل في النظافة أو تقديم أنواع المتعة لبوه وأعوانه أو إلى إنسان العمل الذي يعمل كالآلة لا يتعب ولا يكل ولا يحتاج إلا لنوم بعض الساعات القليلة أو إنسان القوة الذي يحارب كل ما يهدده أو يهدد بوه ومن يتبعه بشراسة وهو يأكل كثيرا لبناء جسده الضخم ويهتم دائما بسلاحه ولا يخاف القتل.
وحتى يتمكن بوه من توطيد حكمه اتخذ بعض الإجراءات لضمان بقاء الحال كما هو عليه، فقد منع تداول المعلومات والكتب إلا على أتباعه من المخترعين والعلماء لاستمرار الاختراعات التي يحتاجها، وكان كل ما يصدر من معلومات يتم حفظه بسرية تامة وتوزيعه على أسماء من خاصة أتباعه.
بوه يعرف أنه ليس هناك خطر يهدده سوى هؤلاء الذين هربوا، ولم يستطع أن يقبض عليهم لأنهم اختفوا في مناطق معزولة في الغابات والجزر البعيدة ورغم ذلك فهو يحاول أن يتصيدهم منذ سنوات طويلة.
في الأسابيع الخمس الأخيرة من نهاية العام وقبل انتهاء مفعول حبوب التحول يشدد بوه من احتياطاته خوفا من حدوث اضطرابات ما تسبب تعطل تناول الحبوب فيعود الناس مرة أخرى إلى طبيعتهم الأصلية وتثور عليه، ولذلك وضع بوه جهازا مركزيا لمراقبة كل شيء في كل المناطق الموجودة في العالم وخصوصا وقت توزيع حبوب التحول.
بوه جعل إنسان الطمع والمتعة يعلوان فوق كل الناس وجعل إنسان السكون والعمل يخدمان إنسان المتعة والقوة، ووضع إنسان الفقر في المرتبة السفلى، وكان أتباعه يحكمون الجميع في كل منطقة في العالم بمساعدة الآلات والأسلحة، ووضع في الحصن الذي يعيش فيه مركزا رئيسا للتحكم يشرف عليه أتباعه المخلصون. يقع هذا الحصن فوق قمة جبل عالٍ على شواطئ بحر الظلام.
دخل بوس المساعد الأكبر لبوه إلى صالة الحصن الرئيسة، هاجت الكلاب الآدمية ووقفت استعدادا للهجوم ولكن بوه رفع إصبع السبابة إلى أعلى موشوشا لهم بالهدوء فجلسوا مرة أخرى. تقدم بوس وسط الآلات البشرية ومساعديه، كان أحدهم يحمل معه صندوقا خشبيا، بدأ بوس كلامه بقراءة أسماء الذين قبض عليهم من الهاربين، عندئذ ظهرت شاشة هوائية تعرض صور القبض عليهم ونقلهم إلى سجن الصحراء الكبيرة، التفت بوس إلى هسا صديقة بوه، ثم قال:
- مولاتي أخيرا وبعد سنوات طويلة قبضنا على بالينا أختك المتمردة.
أظهرت الشاشة مشهد القبض على بالينا صديقة الإنسان والتي لها قدرة سحرية هائلة على معرفة كل الأشياء واكتشاف الحقائق ومعرفة الكذب، كانت معلقة من شعرها الطويل مصدر قوتها السحرية، ثم ظهر مشهد آخر لقص شعرها ووضعها في السجن.
- مولاتي الشعر هنا في هذا الصندوق.
قفزت هسا من الفرح لتفتح الصندوق وتأخذ شعر بالينا ولكنها تدحرجت على الأرض أثناء قيامها، ووقعت على ظهر أحد كلاب الحراسة الذي أخذ يلعق رأسها الصلعاء فلطمته على وجهه ثم قامت متجهة إلى الصندوق لتفتحه وظهرت على وجهها ابتسامة خبيثة وهمهمت بكلمات فرحة ثم أخرجت خصلة من الشعر الأسود الطويل الذي افترش الصندوق وأخذت تتحسس بها رأسها الصلعاء ثم أغلقت الصندوق فجأة واحتضنته، وقالت:
- أخيرا يا بوه حصلنا على الشعر السحري، من اليوم يمكنني أن أعرف كل شيء وأن أقرأ أفكار كل شخص وأن أعرف الأسرار الخفية، سأصنع في الحال باروكة من هذا الشعر وأرتديها لكي أصبح ملكة الإنسان، كم انتظرت هذه اللحظة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق